90٪ من الأزواج العقيمين يصبحون آباءً بالهدوء والصبر

تستقبل المراكز فائقة التخصّص لعلاج العقم يومياً أزواجاً شابة غارقين في حزن نظرات المحيطين، ومع ذلك يملؤهم الأمل في احتضان فلذات أكبادهم. ويعتبر والدَا كوروش وكَمَند من بين مئات الأزواج الذين أتمّوا مراحل علاجهم في مركز جهاد دانشگاهي التخصّصي لعلاج العقم بمحافظة قُم.
بدأ والد كوروش، البالغ من العمر 28 عاماً والمطابق لسنّ زوجته، حديثه قائلاً: «تزوّجنا عام 1392 شمسي، وفي عام 1394 أدركنا أنّه يتعيّن علينا مراجعة طبيبة النساء للإنجاب. استمررنا في تناول الأدوية التي وصفها الأخصائي لمدة عام كامل دون فائدة. وفي العام التالي راجعنا عيادة طبيبة نساء وتوليد، ثم خضعنا لعملية IVF في أحد المراكز الحكومية للعقم، لكنّ النتيجة كانت سلبية.»
أضاف: «كانت زوجتي حساسة جداً وتلقّت صدمات نفسية جراء النتائج السلبية المتكررة. قرّرنا إيقاف العلاج لمدة عام لنأخذ نفساً مطمئناً. تحسّن حالها النفسي خلال تلك الفترة، ثم استأنفنا العلاج بعد عام.»
تابع والد كوروش: «راجعتنا الدكتورة ریاحیپور، التي نعرفها كواحدة من أبرز أخصائيات النساء والتوليد في قُم، فأجرت فحصاً لزوجتي وأكدت أنّ إجراء IVF فقط هو الذي سيؤتي ثماره. أحالتنا إلى مركز جهاد دانشگاهي التخصّصي لعلاج العقم في قُم لتكملة دورة العلاج هناك.»
وذكر والد كوروش سبب اختيارهما للمركز قائلاً: «بعد إحالة الدكتورة ریاحیپور بحثنا قليلاً واكتشفنا أنّ مركز جهاد دانشگاهي يسجّل نسب نجاح عالية في علاج العقم، ويقدّم خدماته بتكاليف أقل بكثير من مراكز العاصمة المرموقة.»
وقال: «بعد دورة من الأدوية واستخراج البويضات، حصلنا على تسع أجنة. في المحاولة الأولى نُقلت ثلاثة أجنة، أما البقية فجرّدت للتجميد. كانت نتيجتي سلبية في المرة الأولى، ولكن في المرة الثانية جاءت النتيجة إيجابية، فانتهت أحزاننا التي دام عمرها ثماني سنوات.»
وبيّن أنّ الضغط النفسي يقلّل بشدّة من فرص نجاح علاج العقم، وأنّ جرح اللسان من الأهل والأصدقاء يضعف معنويات الأزواج كثيراً ويقودهم إلى الاكتئاب. وأضاف: «كان أصدقاؤنا والمعارف يسألوننا دوماً عن موعد الإنجاب، ويسلّطون النكات الجارحة علينا. قرّرنا إخبار أسرنا بعلّة العقم حتى يخفّ ضغط الأسئلة، وفور علم العائلة لم تعد تتحفّظ على أسألتهامما سهّل علينا مواصلة العلاج بهدوء أكبر.»
وعبّر عن أسفه لتدخّل بعض العائلات في حياة الأزواج الذين يواجهون العقم، وقال: «تحدّثت مع كثيرٍ من الرجال المنتظرين في صالة مركز جهاد دانشگاهي، ووجدت أنّهم أيضاً يعانون من تدخل ونظرات العائلة الحارقة. بل إنّ بعضهم رووا أنّ عائلاتهم عندما اكتشفت عجزهم عن الإنجاب تداركت الأمر بالبحث عن خطابٍ آخر لابنةٍ أخرى دون علمهم.»
أوضح والد كوروش أنّه يميل لاسم كوروش، وأنّ زوجته اختارت منذ زمن اسم كَمَند. فإذا كان المولود أنثى فعليها أن تحمل اسم كَمَند، وإذا كان ذكراً فسيُسمى كوروش. وأضاف: «إذا وُلدت أجنتنا الثلاثة جميعها سنختار أسماء أخرى بنفس النسق، لكننا سنظل متمسكين بكوروش وكَمَند لأول مولودٍ ولدينا.»
من جانبها، تحدّثت أم كَمَند عن ثماني سنوات من الألم بفعل عدم الإنجاب، قائلةً: «لقد تعذّبنا كثيراً من أجل الأمومة، ونرجو أن تنمو أجنتنا الثلاثة بسلام داخل رحمّي وأن نحتضنهم بأسرع وقتٍ ممكن.»
وقالت إنّ جنس المولود لا يهمّها بعد كل تلك المعاناة، بل إنّها لا تفهم سبب احضار بعض العائلات المركز لتحديد جنس طفلٍ ثالث أو رابع. وأكدت أنّ دعم زوجها الحدّ من توترها وساهم في نجاح علاج العقم لـ90٪ من الأزواج: «كل الطمأنينة التي شعرت بها كانت من زوجي. تدعيمه وحضوره الحارّ إلى جانبي زال عنّي القلق ومنحني الأمل للاستمرار.»
أضافت: «أثناء انتظارنا في صالة المركز، قابلنا زوجين آخرين نجحا في المحاولة الثانية. قال لي زوجي: ‘انظري، ليس بالضرورة أن ينجح الأمر من المحاولة الأولى.’ حين رأيت نتيجة ذلك الزوج وتشجّعت بكلامه، تجدد فيّ الأمل وتحفيز للاستمرار.»
وذكرت أنّ تجربتها الأولى في نقل الجنين كانت سلبية، لكن بعد إجراء تنظير الرحم ونقل الجنين ثانيةً جاءت النتيجة إيجابية، وهي تعزو حالتها الجيدة اليوم إلى دعم زوجها المستمر.
وعن مخاوفهم من مواجهة معارفهم وطول مدة العلاج في جهاد دانشگاهي قم، قال والد كوروش: «تغلّبنا على الخوف من لقاء المعارف ورهاب طول العلاج. هذا الخوف يدفع الكثير من العائلات لتجنّب العلاج هنا أو اللجوء إلى مدن أخرى.»
وصف والد كوروش تجربة العلاج في المركز بالمرضية، وقال: «عندما زرنا المركز في زمن كورونا كان الالتزام بالبروتوكولات الصحية مهماً جداً لنا. لا بد من شكر موظفٍ كان يتجوّل على الدرجات بعكاز وضمادات ليتأكد من ارتداء الجميع للكمامات، وكان ذلك يبعث فينا شعوراً بالاهتمام. لم نتعرّض لأيّ سوء معاملة سوى مرة واحدة حين أبدى أحد الطاقم بعض العصبية، وإلا فقد وجدنا الجميع أمناء وودودين. نحمد جهاد دانشگاهي على اختيارهم الكوادر الأخلاقية الكفؤة.»

تعليقكم :